الاثنين، 23 أبريل 2018

قوانين استخدام شبكات التواصل الاجتماعي



     شهد العالم في الآونة الأخيرة تطوير كبير في تكنولوجيا المعلومات وفي أنظمة التواصل مما نتج عنها ظهور العديد من التطبيقات الخاصة بالتواصل الاجتماعي، وأصبح الاستخدام لهذه الشبكات كبير جداً وفي تزايد مستمر مع مرور الوقت وأصبح الاعتماد عليها في التواصل مع الآخرين يفوق الطرق التقليدية؛ وذلك لسهولتها والتواصل الفوري من خلالها. ولا شك أن الشبكات الاجتماعية مثل ما جلبت العديد من المزايا للعالم إلى أنها أيضا من جانب آخر استحدثت معها العديد من القضايا التي لم تكن متوفرة سابقاً ويطلق عليها جرائم معلوماتية، مما استدعى الجهات المختصة إلى استحداث قوانين تكفل ضبط استخدام هذه الشبكات وتحقيق الأمن المعلوماتي فيها.  
وفي هذه التدوينة سوف يتم التعريف بالقوانين وأهميتها وماهيتها في شبكة الانترنت واستعراض للائحة النظام في المملكة العربية السعودية .

  قوانين استخدام شبكات التواصل الاجتماعي
      في ظل التطور التقني في مجال الإنترنت وعالم الشبكات الاجتماعية، يجب مواكبة هذا التطور بإصدار أنظمة حول المسؤولية القانونية لمواقع شبكات التواصل الاجتماعي وتوضيح الحقوق والمسؤوليات بين أصحاب الشبكات وبين المشتركين فيها وكذلك المشتركين فيما بينهم. (الزهراني، ٢٠١٣ )

تعريف القوانين على الانترنت:
       قام (الزهراني، ٢٠١٣، ٤) بتعريف قوانين الإنترنت على أنها: " مجموعة القواعد والتنظيمات التي تضع المعايير للمستخدمين ومقدمي الإنترنت والعمليات التي تقوم بين المستخدمين بعضهم البعض أو المستخدمين ومقدمي الخدمات أو السلع "
ينبغي أن نشير إلى أن القوانين التي سوف يتم تسليط الضوء عليها في هذه الورقة تختص في الجرائم المعلوماتية مما يدعونا الى التعريف بالجرائم المعلوماتية حيث قام (الخنين، ٢٠٠٨ ) بتعريفها على أنها: " نوع من أنواع الجرائم، فاعلها يكون ملماً بتقنيات الحاسوب ونظمه والهاتف النقال في تنفيذ أغراض مشبوهة وأمور غير أخلاقية لا يرتضيها المجتمع لمنافاتها الأخلاق العامة".

القوانين في مواقع التواصل الاجتماعي:
        يخضع نشر المعلومات في مواقع التواصل الاجتماعي لذات القوانين التي يتم الخضوع إليها عند نشرها بالطرق التقليدية، حيث ذكر (الحجار، ٢٠١٧ ) نقلاً عن (Wong& Dempsey, 2011) أن الناشرون هم المسؤولون عن المحتوى الذي تم نشره على الانترنت، بذات الطريقة المتبعة في النشر التقليدي الورقي، ولكن قد تُطبق عليهم قواعد قانونية إضافية، والمسؤولية قد تكون جزائية أو مدنية أو الاثنتين معاً.
وذكر (الحجار، ٢٠١٧ ) أيضاً أنه في حالات معينه تكون وسيلة التواصل الاجتماعي هي المسؤولة عن المحتوى المنشور من خلالها من قبل المستخدم، وفي حالات أخرى المستخدم هو المسؤول الأول عن المحتوى الذي قام بنشره. وتكمن هذه الفروقات في المسؤولية عن المحتوى تبعاً لاختلاف وسائل التواصل الاجتماعي من حيث اتاحتها للمحتوى على صفحاتها، فهناك ثلاثة أنواع لهذه الشبكات من هذه الحيثية:
1.  شبكة موافقة كلياً على المحتويات التي بين صفحاتها وذلك لأنها هي الكاتبة والمدققة له وبالتالي هي المسؤولة عنه قانونياً.
2.  شبكات يكون تحميل جزء من المحتوى عليها من قبل المستخدمين.
3.  شبكات تستضيف محتوى يقع تحت سيطرة المستخدمين بشكل كامل.

      بالتالي نستنتج أن هناك ناشر وهناك وسيط في البيئة الالكترونية وقد تكون الشبكة هي الناشر والوسيط، بينما معظم الشبكات الأكثر شهرة الآن مثل  (YouTube, Facebook, Twitter)هي عبارة عن وسيط. وفي حالة الوسيط ذكر (الحجار، ٢٠١٧) أن مسؤولية الوسيط أمام القضاء يتم تقديرها وفق قاعدة الأبعاد الثلاثة وهي: (القدرة، المعرفة، عدم التصرف) أي القدرة على التدخل لسحب المحتوى، ومعرفة طبيعة هذا المحتوى غير المشروع، وبالتالي عدم التصرف بخصوصه. وهذه القاعدة تُشكل أساس هذه المسؤولية التي تقع على الشبكات الاجتماعية. وفي نظر القانون تزداد المخاطر على عاتق الوسيط إذا كان لا يستطيع معرفة اسم المستخدم الذي قام بنشر محتوى غير مشروع.

لا شك أن الشبكات الاجتماعية الكبرى نرى أنها تحرص على إخلاء مسؤوليتها قدر المُستطاع، وذلك عن طريق وضع شرط لتسجيل بيانات للمستخدم والتسجيل بالشبكة أولاً، وأن يُقدر على اتفاقيه سابقة تنص أحد بنودها على ضرورة الاهتمام بالمحتوى وأي خرق للقانون سوف يتم محاسبة المستخدم بصفته الناشر. ومن هنا يتضح لنا حجم الوعي لدى هذه الشركات الكبرى بطبيعة الحال مقارنة بضعف الوعي لدى المستخدمين الذي تتفاوت نسبة الوعي لديهم تبعاً لاختلاف مستوى التعليم والتقدم في البيئة التي ينتمون إليها.

أهمية القوانين في الشبكات الاجتماعية:
      للقوانين أهمية كبرى في تحقيق الأمن المعلوماتي في التعامل مع الانترنت والشبكات الاجتماعية، فمن خلال سن القوانين سوف يكفل النظام للمتضرر كافة حقوقه في الشبكات الاجتماعية، وأشار (التهامي، ٢٠١٦) إلى ضرورة وجود ضرر وقع على المُدّعي قبل تقديم أي شكوى إلى القضاء، ويكون هذا الضرر ناتج عن استخدام أحد الأشخاص لوسيلة التواصل الاجتماعي وكان لاستخدامه ضرراً عليه إما مادياً أو ضرراً أدبياً. والضرر المادي هو الذي يصيب الإنسان في حق من حقوقه الملموسة بحيث يمكن تقييم هذا الضرر وفق عناصر محسوسة. وذكر (التهامي، ٢٠١٦ ) نقلاً عن (الأباصيري،٢٠١٠ ) أن الضرر الأدبي هو ما يكون عن طريق الأذى بالنواحي النفسية والاعتبارات الأدبية التي يكون لها أثر نفسي ووجداني على الشخص.

نظام جرائم المعلوماتية في المملكة العربية السعودية:

     إدراكاً من المملكة العربية السعودية بأهمية مواكبة تطورات البيئة الرقمية وضرورة تحقيق الأمن المعلوماتي للفرد وللمجتمع، وسد الفجوة القانونية في هذا الجانب فقد صدر مرسوم ملكي بالموافقة على نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بتاريخ ٨/٣/١٤٢٨هـ، ويتم ذلك من خلال تحديد الجرائم والعقوبات المقررة لها وجهات الاختصاص.
اشتمل النظام على (١٦) مادة استهلها بتعريف المصطلحات الواردة في النظام. كما حددت المادة الثانية هدف النظام وهو الحد من وقوع جرائم معلوماتية وتحقيق الأمن المعلوماتي وحفظ الحقوق المترتبة على استخدام الحاسبات والشبكات المعلوماتية وحماية المصلحة والآداب العامة، وأخيراً حماية الاقتصاد الوطني.
كما يبين النظام في مواده الثالثة وحتى العاشرة، العقوبات المقررة للجرائم المعلوماتية بداية من عقوبة تبدأ بالسجن مدة لا تزيد عن سنة وغرامة لا تزيد عن 500,000 وانتهاء بعقوبة السجن لمدة لا تزيد عن عشرة سنوات وغرامة لا تزيد عن 5 ملايين. ولقد أوضح النظام تفصيلاً للجرائم المعلوماتية منها التنصت والانتحال والتشهير والابتزاز والنصب والاحتيال وتشكيل منظمات إرهابية ونشر ما بشأنه المساس بالنظام أو القيم الدينية وغيرها.
أما في مواد النظام الحادية العشر إلى السادسة عشر فهي تتعلق بتوضيح جهات الاختصاص وتوضيح المهام لهم مع توضيح بعض الارشادات الخاصة بهم. (السكينة، ٢٠١٠)
         ونريد أن نشير إلى أن وزارة الداخلية أصدرت تطبيق للهواتف الذكية يطلق عليه (كلنا آمن) يستطيع الأفراد الإبلاغ عن طريقه على عدد من المخالفات منها المرورية وكذلك قضايا الجرائم المعلوماتية، وللتطبيق حساب على Twitter يشرح مزايا وأهداف التطبيق وكذلك طريقة استخدامه عن طريق صور انفوجرافيك.


المراجع :
-       التهامي، سامح عبد الواحد. (٢٠١٦). ضمان اضرر الناشئ عن إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي: دراسة في القانون الإماراتي. محلة البحوث القانونية والاقتصادية – مصر، ع٥٩، ٢٥١-٢٨٧.
-       الحجار، وسيم شفيق. (٢٠١٧). النظام القانوني لوسائل التواصل الاجتماعي. المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية ، جامعة الدول العربية – بيروت، ط١ .
-       الخنين، حمد بن عبدالله. (٢٠٠٨). الجرائم المعلوماتية وقضاياها المستجدةالعدل - السعودية ، مج ١٠، ع ٣٨ ، ٢٧٦ - ٢٩٦.   
-       الزهراني، يحيي بن مفرح. (٢٠١٣). تحديات الأمن المعلوماتى فى الشبكات الاجتماعية فى المملكة العربية السعودية من منظور قانونىالمجلة العربية الدولية للمعلوماتية ( جمعية كليات الحاسبات والمعلومات في الجامعات العربية ) - السعودية، مج ٢, ع٣ ، ١-١٢.  

-       السكينة. (٢٠١٠). نظام جرائم المعلوماتية في المملكة العربية السعودية، متاح على: https://www.assakina.com/center/files/4897.html تاريخ الاطلاع: ١٠-٤-٢٠١٨.

هناك تعليقان (2):

  1. موضوع قوانين استخدام الشبكات الاجتماعية يكتسب أهمية قصوى خصوصًا في الآونة الأخيرة لعدة أسباب منها سهولة استخدام الشبكات الاجتماعية وسرعة انتشارها كما أشارت الدكتوره ندى.
    والدكتوره ندى قدمت مقالاً أكثر من رائع تناول الموضوع من كافة جوانبه بدءًا من المظلة الكبرى قوانين استخدام الإنترنت مرورًا بقوانين استخدام الشبكات الاجتماعية وصولاً إلى تطبيقاتها على المستوى المحلي، بأسلوب جميل وسلس، وبتسلسل منطقي كعادتها.
    مع أطيب الأمنيات لك د. ندى

    ردحذف
    الردود
    1. فعلاً للقوانين أهمية كبرى بشتى الاتجاهات وخصوصاً في الشبكات الاجتماعية ؛ وذلك يعود لطبيعتها حيث من السهل التجاوز فيها والتعدي على خصوصيات الغير وخلافة من الجرائم المعلوماتية المتعارف عليها . فسن القوانين للشبكات الاجتماعية أمر مهم والأهم اتاحتها واعلانها لنشر الوعي .
      شكراً جزيلاً لك د. عادل على الاشادة والتعقيب على التدوينة ، تحياتي لك .

      حذف

الأكثر مشاهدة